Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأنعام - الآية 130

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (130) (الأنعام) mp3
وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا يَقْرَع اللَّه بِهِ كَافِرِي الْجِنّ وَالْإِنْس يَوْم الْقِيَامَة حَيْثُ يَسْأَلهُمْ وَهُوَ أَعْلَم هَلْ بَلَّغَتْهُمْ الرُّسُل رِسَالَاته وَهَذَا اِسْتِفْهَام تَقْرِير " يَا مَعْشَر الْجِنّ وَالْإِنْس أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُل مِنْكُمْ " أَيْ مِنْ جُمْلَتكُمْ وَالرُّسُل مِنْ الْإِنْس فَقَطْ وَلَيْسَ مِنْ الْجِنّ رُسُل كَمَا قَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ مُجَاهِد وَابْن جُرَيْج وَغَيْر وَاحِد مِنْ الْأَئِمَّة مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف وَقَالَ اِبْن عَبَّاس الرُّسُل مِنْ بَنِي آدَم وَمِنْ الْجِنّ نُذُر . وَحَكَى اِبْن جَرِير عَنْ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ فِي الْجِنّ رُسُلًا وَاحْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة وَفِيهِ نَظَر لِأَنَّهَا مُحْتَمَلَة وَلَيْسَتْ بِصَرِيحَةٍ وَهِيَ وَاَللَّه أَعْلَم كَقَوْلِهِ " مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنهمَا بَرْزَخ لَا يَبْغِيَانِ فَبِأَيِّ آلَاء رَبّكُمَا تُكَذِّبَانِ " إِلَى أَنْ قَالَ " يَخْرُج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ وَالْمَرْجَان" وَمَعْلُوم أَنَّ اللُّؤْلُؤ وَالْمَرْجَان إِنَّمَا يُسْتَخْرَجَانِ مِنْ الْمِلْح لَا مِنْ الْحُلْو وَهَذَا وَاضِح وَلِلَّهِ الْحَمْد وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْجَوَاب بِعَيْنِهِ اِبْن جَرِير وَالدَّلِيل عَلَى أَنَّ الرُّسُل إِنَّمَا هُمْ مِنْ الْإِنْس قَوْله تَعَالَى " إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْك كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوح وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْده - إِلَى قَوْله - رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذَرِينَ لِئَلَّا يَكُون لِلنَّاسِ عَلَى اللَّه حُجَّة بَعْد الرُّسُل " وَقَوْله تَعَالَى عَنْ إِبْرَاهِيم " وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّته النُّبُوَّة وَالْكِتَاب" فَحَصَرَ النُّبُوَّة وَالْكِتَاب بَعْد إِبْرَاهِيم فِي ذُرِّيَّته وَلَمْ يَقُلْ أَحَد مِنْ النَّاس إِنَّ النُّبُوَّة كَانَتْ فِي الْجِنّ قَبْل إِبْرَاهِيم الْخَلِيل ثُمَّ اِنْقَطَعَتْ عَنْهُمْ بِبَعْثَتِهِ وَقَالَ تَعَالَى " وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلك مِنْ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا أَنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَام وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاق " وَقَالَ" وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْل الْقُرَى " وَمَعْلُوم أَنَّ الْجِنّ تَبَع لِلْإِنْسِ فِي هَذَا الْبَاب وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْهُمْ " وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْك نَفَرًا مِنْ الْجِنّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآن فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمهمْ مُنْذِرِينَ قَالُوا يَا قَوْمنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْد مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْن يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقّ وَإِلَى طَرِيق مُسْتَقِيم يَا قَوْمنَا أَجِيبُوا دَاعِي اللَّه وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِر لَكُمْ مِنْ ذُنُوبكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَاب أَلِيم وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِي اللَّه فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْض وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونه أَوْلِيَاء أُولَئِكَ فِي ضَلَال مُبِين " وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَغَيْره أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا عَلَيْهِمْ سُورَة الرَّحْمَن وَفِيهَا قَوْله تَعَالَى " سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيّهَا الثَّقَلَان فَبِأَيِّ آلَاء رَبّكُمَا تُكَذِّبَانِ " وَقَالَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة " يَا مَعْشَر الْجِنّ وَالْإِنْس أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُل مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسنَا " أَيْ أَقْرَرْنَا أَنَّ الرُّسُل قَدْ بَلَّغُونَا رِسَالَاتك وَأَنْذَرُونَا لِقَاءَك وَأَنَّ هَذَا الْيَوْم كَائِن لَا مَحَالَة وَقَالَ تَعَالَى " وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاة الدُّنْيَا " أَيْ وَقَدْ فَرَّطُوا فِي حَيَاتهمْ الدُّنْيَا وَهَلَكُوا بِتَكْذِيبِهِمْ الرُّسُل وَمُخَالَفَتهمْ لِلْمُعْجِزَاتِ لِمَا اِغْتَرُّوا بِهِ مِنْ زُخْرُف الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزِينَتهَا وَشَهَوَاتهَا " وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسهمْ " أَيْ يَوْم الْقِيَامَة" أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ " أَيْ فِي الدُّنْيَا بِمَا جَاءَتْهُمْ بِهِ الرُّسُل صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِمْ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • أحكام المسلم الجديد

    هذا الكتاب في بيان أحكام المسلم الجديد، وقد ألفه المؤلف على طريقة السؤال والجواب، وجمع 133 سؤالا ً في ذلك، منوعة لكثير من المسائل والأحكام، ومجيبا ً عليها بالتفصيل والإلمام.

    الناشر: موقع صيد الفوائد www.saaid.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/291717

    التحميل:

  • تذكير البشر بأحكام السفر

    تذكير البشر بأحكام السفر : لما كان كثير من الناس قد يجهلون أحكام العبادات وآداب المسافر في السفر جمعت ما تيسر في هذه الرسالة من أحكام المسافر وآدابه من حين أن يخرج من بيته إلى السفر إلى أن يرجع وما ينبغي له أن يقوله ويفعله في سفره فذكرت آداب السفر القولية والفعلية، ورخص السفر، وأحكام قصر الصلاة وجمعها للمسافر مع ذكر الأدلة من الكتاب والسنة على ذلك.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209174

    التحميل:

  • الإلحاد الخميني في أرض الحرمين

    الإلحاد الخميني في أرض الحرمين: كتابٌ قيِّم في بيان بعض مُعتقدات الروافض. وقد قدَّمه الشيخ - رحمه الله - بذكر بابٍ من أبواب كتاب «العقد الثمين» والذي فيه ذكر حوادث وقعت على مر العصور في الحرمين أو المسجد الحرام؛ من سفك للدماء وقتل للأبرياء وسلب ونهب وعدم أمن للحُجَّاج وغير ذلك. ثم قارَن الشيخُ بين حالنا في ظل الأمن والأمان وبين أحوال من سبقَنا والذين كانت هذه حالُهم، وبيَّن في ثنايا الكتاب أهم ما يدل على مُشابهة الروافض لليهود في المُعتقَدات والمعاملات، ثم ختمَ بذكر فضائل الصحابة على ترتيبهم في الأفضلية، وحرمة سبِّهم ولعنهم.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/380511

    التحميل:

  • صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة

    صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة: وضع المؤلف هذا الكتاب الخاص في ذكر صفات الله - سبحانه وتعالى -، مُستخلِصًا هذه الصفات من كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ وذلك بالرجوع إلى أقوال العلماء في هذا الموضوع بخصوصه، والأحاديث الواردة في كتب السنة المشهورة؛ كالصحيحين، والكتب الأربعة، والمسند، وغيرها.

    الناشر: موقع الدرر السنية http://www.dorar.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/335499

    التحميل:

  • دراسات في علوم القرآن الكريم

    دراسات في علوم القرآن الكريم: إن القرآن كلام الله - سبحانه -، أودع فيه الهدى والنور، وأبان فيه العلم والحكمة، فأقبل العلماء ينهَلون من معينه ... وأقبلت طائفةٌ على تاريخ نزوله، ومكِّيِه ومدنيِّه، وأول ما نزل وآخر ما نزل، وأسباب النزول، وجمعه وتدوينه وترتيبه، وناسخة ومنسوخه، ومُجمله ومُبيّنه، وأمثاله وقصصه، وأقسامه، وجدله، وتفسيره، حتى أصبحت هذه المباحث علومًا واسعةً غاصَ في بحورها العلماء، واستخرجوا منها الدرر ... وقد ألَّف العلماء في كل عصر مؤلفاتٍ تناسب معاصريهم في الأسلوب والتنظيم والترتيب والتبويب وما زالوا يُؤلِّفون، وكل منهم يبذل جهده ويتحرَّى ما وسعه التحرِّي أن يبسط هذه العلوم بأسلوبٍ مُيسَّر .. ثم جاء هذا الكتاب بأسلوبٍ حرِصَ المؤلف أن يكون مُيسَّرًا، وبطريقةٍ حرَصَ على أن تُناسِب الراغبين في التحصيل.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/364180

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة